لا نراهن على حكم الجنرالات

دعونا لا نراهن على حكم الجنرالات في إسرائيل ولا نستنسخ التاريخ  

  • دعونا لا نراهن على حكم الجنرالات في إسرائيل ولا نستنسخ التاريخ  

افاق قبل 5 سنة

دعونا لا نراهن على حكم الجنرالات في إسرائيل ولا نستنسخ التاريخ  

المحامي علي ابوحبله

هناك من يرقب وينتظر نتائج  الانتخابات الاسرائيليه للكنيست المقرر إجراؤها في التاسع من نيسان القادم ، حتى أن الاداره الامريكيه قررت تأجيل إعلان "صفقة القرن"، إلى ما بعد إجراء الانتخابات البرلمانية في إسرائيل. وأن ترامب استجاب لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووافق على تأجيل إعلان الخطة، نظرا للأزمة السياسية التي تعصف بإسرائيل

ينسب الى ألبرت أينشتاين قوله إن «الجنون هو أن تفعل الشيء نفسه مرة بعد أخرى بنفس الطريقة ثم تتوقع نتائج مختلفة»، كما ينسب له أيضًا قوله «عليك أن تتعلم قواعد اللعبة أولًا، ثم عليك أن تتعلم كيف تلعب أفضل من الآخرين». ويبدو لي أن تجربة حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية الطويلة والمريرة مع اليسار «الإسرائيلي» أو الداخل «الإسرائيلي» ليست كافية ولا واعظة للبعض منا الذين يريدون -تقريبًا- خوض التجربة نفسها أو قريبًا منها بنفس الطريقة ويتوقعون نتائج مختلفة، ودائمًا تحت نفس الشعار: «الاشتباك السياسي».

ثمة خدعه نتجت عن اتفاق أوسلو؛ أولاً لتبرير التنازلات الكارثية في الاتفاق، وثانيًا لتبرير الاستمرار في التنازلات، وثالثًا لتبرير الاستمرار في التواجد والعبث بمصير القضية الفلسطينية، وهي أن اليسار «الإسرائيلي» مختلف تمامًا عن اليمين وهو أقرب لنا ومستعد للسلام مع الفلسطينيين وإعطائهم حقوقهم.

دعونا نتفهم على انه لا  يوجد اختلاف في  رؤية اليسار «الإسرائيلي» عن رؤية اليمين فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية إلا في بعض التفاصيل، حيث يتبنون فكرة يهودية الدولة والأغلبية اليهودية… إلخ. واذا عدنا للتاريخ فان  اليسار الصهيوني أيد اجتياح لبنان لاجتثاث منظمة التحرير في 1982، رغم أنه كان في المعارضة.

وأن – «شهيد السلام» إسحاق رابين هو صاحب سياسة تكسير عظام الفلسطينيين في الانتفاضة الأولى، و«حمامة السلام» شمعون بيريس هو من أمر بعملية عناقيد الغضب ضد المقاومة اللبنانية وارتكب مجزرة قانا في جنوب لبنان.

إسحاق رابين نفسه هو صاحب خطاب «اللاءات الإسرائيلية» في الكنيست عام 1995: لا للعودة لحدود 1967، لا لعودة اللاجئين الفلسطينيين، لا لدولة فلسطينية ذات سيادة، لا لترك السيطرة على غور الأردن، وأن سقف ما يمكن أن يمنح للفلسطينيين هو الحكم الذاتي.

 أوري أفنيري، مؤسس «حركة السلام» وأحد ممثلي أقصى اليسار «الإسرائيلي»، يتحدث عن حق عودة رمزي للفلسطينيين، بمعنى عودة عدد ضئيل جدًا.

 المجتمع «الإسرائيلي» يسير منذ أكثر من عقدين نحو التطرف واليمين (بل اليمين المتطرف) وهو من يشكل النخبة السياسية الحاكمة، والانتخابات المتكررة واستطلاعات الرأي متاحة للجميع، لدرجة أن أفنيري نفسه يصف اليسار بأنه «أشبه بملاكم ممدد على أرض الحلبة، لا حول له ولا قوة».

في الآونة الأخيرة، وعلى هامش التعامل الصهيوني الوحشي مع مسيرات العودة التي انطلقت في غزة، وظهور بعض الأصوات «الإسرائيلية» الرافضة لهذا التعامل وصولاً لكتابة أحد الصحافيين «أخجل من كوني إسرائيليًا»، تطل علينا من جديد دعوات لتلقي هذه الإشارات واستثمار الأصوات المعارضة داخل المجتمع «الإسرائيلي»، ورأينا بعض المبادرات للشكر أو الكتابة أو التواصل الإعلامي أو الدعوات للتواصل بهدف التأثير على الداخل «الإسرائيلي»، ومرة أخرى تحت شعار الاشتباك السياسي.

الحديث عن التبدلات الجذرية في الخريطة السياسية والحزبية والمجتمعية في الكيان الصهيوني هو اشبه بالوهم واقرب للخيال وبات من احلام اليقظه ، بحيث بات الحديث عن يسار أو محايدين أو مناصرين للحق الفلسطيني من باب الخيال العلمي.وأن الظروف الإقليمية والدولية اليوم أصعب بكثير على القضية الفلسطينية مما كانت عليه في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، وهوامش التحرك الفلسطينية فيها أقل وأضيق.

وأن الأصوات التي علت في الكيان الصهيوني مؤخرًا معظمها – إن لم يكن كلها – لم تتحدث عن الحق الفلسطيني ولم تنطلق من رؤية مناهضة للسياسات الصهيونية، وإنما كانت في معظمها حريصة على صورة الكيان وجيش احتلاله أمام الإعلام والرأي العام العالميين، وهي المعركة التي خسرها الاحتلال الصهيوني بوضوح في مسيرة العودة.

 

 

يبدي الجنرال الإسرائيلي المتقاعد، رئيس أركان جيش الاحتلال خلال عدوان "الجرف الصامد" على غزة، بني غانتس، حذراً شديداً في الكشف عن ميوله ومواقفه السياسية وأي موقع يصبو إليه على خريطة الأحزاب الإسرائيلية، بعد إعلانه قبل أسبوعين عن تأسيس حزب جديد أطلق عليه اسم "مناعة إسرائيل". حافظ الجنرال غانتس على ضبط النفس عندما حاول رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بكلمة واحدة ضرب فرصه في انتخابات الكنيست المقررة في 9 إبريل/نيسان المقبل، عندما قال من البرازيل "لا أتدخل بكيفية توزيع اليسار أصواته" في محاولة لحرق غانتس وحشره في معسكر اليسار. كما لم يصاب بالغرور في رده على سؤال حول "من هو الشخص الملائم لرئاسة الحكومة؟"، عندما منحه استطلاع القناة العاشرة نسبة تأييد هي الأعلى لمرشح من خارج الليكود وداخله، في مقابل نتنياهو. وحصل غانتس على 39 في المائة في مقابل 41 في المائة لمصلحة نتنياهو، بينما لم يتجاوز أي من الآخرين، بمن فيهم إيهود باراك وتسيبي ليفني، ويائير ليبيد وموشيه يعالون نسبة الـ20 في المائة.

بني غانتس وهو موضع رهان التغيير في اسرائيل يمكن وصفه انه جنرالاً يملك وعياً وإدراكاً طبيعياً ومجرباً لمواجهة التحديات الأمنية والعسكرية، ولا يفتقر في الوقت ذاته لقيمة إضافية في المجال الاجتماعي، كتلك التي مكنت باراك مثلاً عام 1999 من التغلب على نتنياهو. فقد تمكن باراك، المجرّب عسكرياً، من خلال عبارته المشهورة بأنه يريد الاهتمام "بتلك العجوز المتروكة في رواق داخل المستشفى"، من إبراز قيمة إضافية لديه، رابطاً بين افتقار المستشفى إلى أسرّة  للمرضى وبين أولويات الحكومة غير الصحيحة التي تقرر الاستثمار في المستوطنات على حساب المواطن العادي داخل إسرائيل.

 

لكن باراك كان قد سبق هذا التصريح بمواقف "صقورية" داخل حكومة إسحاق رابين الذي عيّنه في صيف 1995 وزيراً للداخلية. فقد امتنع عن تأييد اتفاق أوسلو عند عرضه على الكنيست، معرباً عن تحفّظه الشديد على فكرة "الانسحاب الكامل من الجولان". لا يملك غانتس كل هذا الرصيد المجرّب في كواليس السياسة الإسرائيلية، وهي كواليس مظلمة، وأخطر مما كانت عليه عندما نافس باراك نتنياهو، من موقعه مرشحاً عن حزب العمل، ذي التاريخ العريق، وصاحب المنظومة الحزبية الهائلة والقوية بفروعها المنتشرة في كل مكان داخل إسرائيل، سواء في البلدات والقرى العربية، أو حتى في قلب مستوطنات الضفة الغربية المحتلة.

عن تصريحات أدلى بها رئيس الأركان السابق، بني غانتس، خلال مؤتمر الجالية اليهودية في المكسيك، بشهر نيسان/ أبريل الماضي من عام 2018 ، أعرب فيها عن دعمه لحل الدولتين. وقال : "إن التحدي الأكبر الذي تواجهه إسرائيل، يتمثل بالسلطة الفلسطينية، وإن المصلحة الإسرائيلية العليا تتمثل في إيجاد حل لذلك من خلال دعم حل الدولتين".

 وكان غانتس، قد التقى خلال فترة خدمته العسكرية بالجيش الإسرائيلي، مع زعيم عربي في أحد دول الشرق الأوسط، حيث قال له ذلك الزعيم: "يا جنرال غانتس هناك 14 مليون إنسان يعيشون بين الأردن والمحيط، بينهم الملايين من اليهود والملايين من الفلسطينيين، ويجب علينا إيجاد طرق للحياة معاً".

وأكد غانتس لحاضري المؤتمر، أنه يوافق ذلك الزعيم العربي في كلامه عن حل الدولتين، مشدداً على ضرورة أن يدفع الإسرائيليون نحو الحل بدون التنازل عن الاحتياجات الأمنية في الضفة الغربية، وغور الأردن.

وهنا تكمن المعضلة الاسرائيليه ونظرية الأمن الإسرائيلي وجميعها تعيدنا إلى قمة كامب ديفيد 2000 هي قمة باءت بالفشل عقدت من أجل ايجاد حل سلمي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني عقدت في منتجع كامب ديفيد في 11 يوليو/تموز 2000م وجمعت بين الرئيس الأمريكي حينها بيل كلينتون، رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود براك، ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات. دامت القمة لمدة اسبوعين تم الاتهام على اثرها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بإفشالها.

وفشلت في تحقيق السلام ورؤيا الدولتين بسبب القدس والأمن لإسرائيل وقضية اللاجئين ومن هذا المنطلق دعونا لا نراهن على حكم الجنرالات ولا نستنسخ التاريخ وان نتعظ من تجارب الماضي وان نتغلب على خلافاتنا وانقسامنا ونوحد صفوفنا لكي نعيد استنهاض أنفسنا من جديد حتى نعيد للقضية الفلسطينية أهميتها وأولويتها بدلا من تلك الرهانات التي تعيدنا للقهقري وتزيد في خلافاتنا وعمق انقسامنا

 

 

 

 

التعليقات على خبر: دعونا لا نراهن على حكم الجنرالات في إسرائيل ولا نستنسخ التاريخ  

حمل التطبيق الأن